اليوم الدولي للقضاء على الفقر.. عدالة وليس إحسان



خصصت الأمم المتحدة يوم 17 أكتوبر منذ عام 1987كمناسبة يتم فيها تكريم ضحايا الفقر المدقع والجوع حيث اجتمع ما يزيد عن مائة ألف شخص في ساحة "تروكاديرو" بباريس يطالبون بالحقوق الأساسية للفقراء وفق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الموقع عام 1948.
 ويتجدد سنويا في 17 أكتوبر اجتماع أفراد من شتى المشارب والمعتقدات والأصول الاجتماعية لإعلان التزامهم من جديد إزاء الفقراء والإعراب عن تضامنهم معهم.

العمل الإغاثي مكافحة دائمة للفقر

يبلغ عدد الفقراء في العالم – وفقا لإحصائيات الأمم المتحدة - 1.3 مليار نسمة موزعين في 104 دولة، وتضم القارة الأفريقية وجنوب آسيا ما نسبته 83% من فقراء العالم.
إن هذه المعدلات المفزعة من الفقراء تحتاج لتضافر الجهود الدولية والمحلية والحكومية والأهلية من أجل القضاء على الفقر والارتقاء بمعيشة الفقراء.
لا شك أن العمل الخيري والمبادرات التطوعية سواء كانت إغاثية أو تنموية تمثل مكافحة دائمة للفقر ومحاولة لكفاية الفقراء، ومن المشروعات الجديرة بالتقدير والثناء على سبيل المثال:
-         مشروعات الإعانات المالية الشهرية والموسمية بعد إجراء الدراسات الاجتماعية لاستحقاق أصحاب الحالات.
-         مشروعات كفالة المصروفات الدراسية (مدرسية وجامعية) لأبناء الأسر المحتاجة.
-         مشروعات كفالة الطعام عن طريق بنوك الطعام وجمعيات إطعام وحفظ النعمة.
-         مشروعات كسوة الشتاء وكفاية حاجة الأسر المحتاجة من الألبسة والاغطية.
-         مبادرات توفير أعمال ومشاريع صغيرة أو تمويل متناهي الصغر للأسر خاصة في الريف تستطيع أنتدر عليها أرباح تكفي مؤنتها.
-         مشروعات توفير الدواء والعلاج بالمجان لمن لا يستطيع دفع قيمته مع ارتفاع الأسعار عن طريق بنوك الدواء أو مؤسسات العلاج للجميع.

مكافحة الفقر واجب ديني

من الأهمية بمكان أن يدرك من يقوم بهذه المهمة الجليلة أن محاربة الفقر والارتقاءً بالفقراء هو في الحقيقة أداء لواجب ديني يؤجر عليه من الله تعالى، ونستطيع أن نرصد بكل فخر آليات عديدة أقرها وسنها الإسلام مكافحةً للفقر وارتقاءً بحال الفقراء منها على سبيل المثال:
-         فرض الزكاة على أصحاب الأموال التي بلغت النصاب وحال عليها الحول بمقدار 2.5% توزع على الفقراء والمساكين والغارمين وابن السبيل وغيرهم من ذوي الحاجات.
-         تشجيع الهبات والصدقات لكفالة الأفراد والأسر المحتاجة والعمل على كفايتهم.
-         تشجيع الأوقاف من أجل إقامة المدارس والمستشفيات لتوفير التعليم والعلاج المجاني لمن يستطيع تحمل تكاليفه، وكذلك حفر الآبار وتوفير السبل (مستودعات المياه) وبناء التكايا التي توفر الطعام والمياه مجانا للفقراء.
-         حث الجيران على تفقد بعضهم البعض واعتبار وجود جار جائع بينهم نقيصة في المروءة والدين، "ليس منا من بات وجاره جائع".
-         تشريع الكفارات عن أنواع من الحرام أو الخطايا التي يرتكبها المسلم عبارة عن إطعام الفقراء والمساكين ككفارة حلف اليمين أو الظهار او القتل غير العمد.
-         تشجيع العمل والسعي في الأرض وطلب الكسب الحلال بتعلم الحرف والصناعات وزراعة الأراضي البور ومنحت الدولة الإسلامية الأولى الأرض البور لمن زرعها.
-         تشجيع المزارعة والمشاركة بين أصحاب الأموال وأصحاب الجهد على إدارة تجارة أو صناعة أو زراعة أرض لتحقيق كفاية الشخص لحاجته بل وطلب الغنى من وراء ذلك.
-         تشجيع القروض الحسنة وتحريم القروض الربوية ليتمكن غير المقتدر من كفاية حاجة نفسه وبيته لحين ميسرة، واعتبار ذلك من أعظم القربات التي يتعبد بها الإنسان.

عدالة وليس إحسان

من المفارقات التي تجعلك تقف بانبهار أمام عدالة الإسلام الذي شرع قبل 15 قرنا من الزمن، أن تضع الأمم المتحدة عنوانا وشعارا لليوم الدولي للقضاء على الفقر العام الحالي (2018): "القضاء على الفقر عدالة وليس إحسان"، وتقول على الفور هذه بضاعتنا ردت إلينا!
أليس هذا مقتضى قوله تعالى: (كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ) في الآية الكريمة: (مَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ ۚ) الحشر:7
لقد نجح الإسلام في تشريع ما يكافح الفقر ويرتقي بالفقراء بداية من المبادئ والقيم إلى الآليات والإجراءات الحاكمة إلى الأعمال والأفعال على مستوى الجماعات والأفراد.
-----------------
مقالات ذات صلة

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

التشبيك والشبكات انطلاقة جديدة للمجتمع المدني

التجربة السنغافورية.. نظام مدرسي بلا امتحانات أو درجات!

رحلة البحث عن الحقيقة.. من جاري ميلر إلى عبدالأحد عمر