تمكين المرأة المعيلة في مجتمعاتنا



رغم أن منظمة الأمم المتحدة أطلقت احتفالية سنوية في 8 مارس من كل عام، تهدف إلى مناقشة تمكين المرأة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا باسم (اليوم العالمي للمرأة) إلا إنها ومنذ عام 1977 (العام الذي اعتمدت فيه هذا اليوم) لم تخصص يوما لتمكين المرأة المعيلة.
تستطيع أن تعرف المرأة المعيلة بأنها امرأة (سواء كانت أما أو زوجة أو أختا أو بنتا وفي بعض الأحيان جدة) تولت رئاسة أسرتها والإنفاق المادي عليها وإعالتها، وذلك لفقدان الزوج فهي إما أرملة أو مطلقة أو مهجورة وربما كان الزوج موجودا ولكنه مريض أو عاجز عن العمل وبالتالي عاجز عن الإنفاق الذي هو مسؤولية الرجل تجاه المرأة. وقد يكون قادرا على الإنفاق ولكنه بخيل الى درجة لا يؤمن معها الموارد الضرورية اللازمة لمعيشة الأسرة وبالتالي تضطر المرأة للعمل من أجل اشباع الحاجات الانسانية الضرورية لأسرتها، بالجملة تستطيع أن تقول إنها امرأة بمائة رجل إن لم يكن بألف.
ورغم أن ظاهرة المرأة المعيلة ليست جديدة على المجتمعات الإنسانية، إلا أنها اتسعت في الآونة الأخيرة خاصة في المجتمعات التي تعاني الفاقة أو الحروب مما يستدعي اتخاذ تدابير سواء حكومية أو مجتمعية لتمكين المرأة المعيلة وأسرتها من الحياة الكريمة.

إحصائيات حول الظاهرة
باستطلاع أحوال المرأة المعيلة في العالم العربي سوف تصدمك مجموعة من الحقائق والأرقام:
-         في دولة تونس: تشير إحصائيات المعهد الوطني للإحصاء (2014م)؛ أن نصف سكان الدولة من النساء قرابة 5 ملايين و510 امرأة، وأن عدد المطلقات يبلغ قرابة 385 ألف، وبلغ عدد النساء الأرامل أكثر من 219 ألف أرملة أي أن 12% من التونسيات ينتمين لهذه الفئة، ومعظمهن يعمل برواتب غير مجزية.
-         في دولة المغرب: كشفت إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط (2014م)؛ أن واحدة من كل ست أسر تـرأسها امرأة، بما يعني وجود مليون و200 ألف أسرة من أصل 7 ملايين أسرة محصاة ترأسها نساء، بما يمثل 16.2% من تعداد البلاد، ونسبة النساء اللواتي يترأسن أسرهن بالوسط الحضري 18.6%، في حين لا تتجاوز هذه النسبة 11,6% بالوسط القروي
-         في دولة مصر: كشف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (2015م) أن حوالي 18% من الأسر المصرية تعولهن امرأة سواء أكانت الزوجة أو الابنة أو الأخت أو حتى الجدة، وذلك لغياب الرجل عن الأسرة لأسباب مختلفة كمرض الرجل، أو الانشقاق الأسري، أو سوء الأحوال المعيشية أو غياب المسؤولية، أو الطلاق.
-         وحسب إحصاءات الأمم المتحدة، فقد بلغت نسبة المرأة المعيلة في لبنان 12%، ووصلت في السودان حوالي 22.6%

جهود غير كافية
لا شك أن هناك جهود سواء حكومية أو مجتمعية (من المجتمع المدني أو ما يعرف بالمسؤولية المجتمعية للقطاع الخاص) لمواجهة هذه الظاهرة ومحاولات لتقديم العون لهذه الفئة المكافحة من النساء فعلي سبيل المثال اتجهت المنظمة العربية للتنمية الزراعية لتوزيع عجلات عشار على النساء المعيلات في ريف مصر (66 رأس عام 2017).
وهناك محاولات لتنشيط وتفعيل الأسر المنتجة إلا ان أعداد المستفيدات منها محدود وتضطر الغالبية من النساء المعيلات إلى العمل في مهن متدنية ولأوقات طويلة تعوقهن عن أداء مسؤولياتهن الأسرية مما يهدد الأبناء بالضياع وخاصة في سنوات المراهقة، مما يحمل الأم المعيلة أعباء نفسية فوق أعبائها المادية.
أما في الأردن، فقد تم منح النساء المعيلات قروض من مؤسسات التمويل الأصغر، بما نسبته 66% من معدلات الاقتراض خلال عام 2017، إلا أنه تم رصد كثير من حالات التعثر في السداد ورفع مطالبات قضائية بهذا الشأن.
وقد نجحت تجربة السعودية في إنشاء ضمان اجتماعي يصرف للنساء اللاتي توفى عائلهن، وهو يختلف عن التأمينات الاجتماعية التي تمنح في بعض الدول الأخرى عند وفاة الزوج، فهذا الضمان مستحق للمرأة ومن تعول حتى وإن لم يكن العائل المتوفى عنهم يعمل، ولا ينقطع الضمان إلا بالزواج أو العمل.

تمكين المرأة المعيلة
إن أحوال هذه الفئة من النساء تستدعي عدة تدابير وتوصيات لرفع المعاناة المادية والمعنوية عنهن فعلي سبيل المثال:
-         ضرورة إنشاء صندوق ضمان اجتماعي للمرأة المعيلة تصرف منه راتبا شهريا لا يقطع إلا بالزواج أو العمل المناسب.
-         ضرورة تشجيع إنشاء جمعيات ومؤسسات رعاية للنساء المعيلات تهتم بتنمية مهاراتهن المهنية والحرفية للارتقاء بمستوى الأعمال الذي يمكن أن يتاح لهن، وكذلك الاهتمام بمحو الأمية في البيئات الأدنى لتمكينهن من الالتحاق بأعمال ووظائف أفضل.
-         ضرورة عقد دورات تدريبية على الحرف التي تجيدها النساء ومهارات إدارة المشروعات الصغيرة وفنون التسويق واستخدام منصات التواصل الاجتماعي في عمليات التسويق وجلب الزبائن والمشترين.
-         ضرورة إقامة أسواق ومعارض للأسر المنتجة تكون متاحة طوال العام، وعقد الصفقات التسويقية لصالح مشروعات النساء المعيلات داخليا وخارجيا.
-         ضرورة اهتمام الغرف التجارية والصناعية بإقامة صناعات بينية والصناعات الصغيرة (التجربة الصينية) التي يمكن ان تشارك فيها النساء المعيلات حتى من البيوت.
ربما تكون هذه الظاهرة من الابتلاءات التي قدرت على العبد في الدنيا تحتم عليه الصبر والأخذ بأسباب الحلول ((ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين)) (البقرة: 155) إلا أنها ابتلاء في نفس الوقت لمقدار التكافل والتعاون والتراحم في مجتمعاتنا.

تعليقات

  1. بعد وصول نسبة المرأة العاطلة إلى 40% بحسب التقارير والإحصائيات الرسمية للدولة ومسئوليتها عن إعالة 25% من الأسر فى ظل ارتفاع نسب الطلاق وتهرب الأزواج من مسئولية الأبناء نتعرف على كيفية الحصول على معاش المطلقة.الخطوة الأولى التى تقوم بها المطلقة وهى التقدم لأقرب وحدة للشئون الاجتماعية للحصول على الخدمة واستمارة (1) ضمان مرفقاً بها ما يلى : -

    1- إقرار من صاحبة الشأن بعدم وجود أقارب ملزمون بالنفقة عليها وأولادها

    2- إقرار من صاحبة الشأن بعدم وجود مصدر دخل للأسرة أو إقرار بقيمة الدخل إن وجد.

    3-بطاقة شخصية أو عائلية أو أى مستند لإثبات المشخصة.

    4- شهادة ميلاد الأولاد أو مستخرج رسمى منها.

    5- إقرار بعدم زواج أو عمل الأولاد المعالين الملتحقين بمراكز التدريب أو بالمدارس أو بالمعاهد أو الجامعات.

    6- قسيمة الطلاق أو إقرار من صاحبة الشأن بطلاقها وتاريخ الطلاق وأنها لم تتزوج بعد الطلاق ويعتمد توقيع المقر من رئيس الوحدة الاجتماعية المختصة.

    7- مستند رسمى يثبت أن سن المطلقة يقل عن 65 سنة أو شهادة رسمية طبية تثبت ذلك إذا تعذر تقديم المستند.

    8- مستند رسمى بالحكم القضائى بالنفقة أن وجد وبيان عدم كفايته مرفق بالبحث الاجتماعى للمطلقة لبيان أحقيتها للمعاش.

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

التشبيك والشبكات انطلاقة جديدة للمجتمع المدني

التجربة السنغافورية.. نظام مدرسي بلا امتحانات أو درجات!

رحلة البحث عن الحقيقة.. من جاري ميلر إلى عبدالأحد عمر