سد النهضة يضع الحياة المصرية في خطر

 


بالبحث على "جوجل" عن مقالات قديمة عثرت على هذا التقرير الصحفي حول ورشة عمل نظمها مركز الأرض لحقوق الإنسان بالقاهرة (28ديسمبر 2009م)، بعنوان "الفلاح المصري في خطر"، المدهش أن الورشة تثبت بجلاء أن المجتمع المدني والمجتمع العلمي الأكاديمي حذرا مبكراً من تقلص موارد مصر المائية وان احتياجها المائي يزداد عام بعد عام ليصل إلى 103.25 مليار متر مكعب عام 2025.

الفاجعة ونحن في عام 2021 يتم وضع مصر أمام الأمر الواقع بحصة تمثل ثلث هذا المقدار تقريباً بعد إنشاء سد النهضة، مما يضاعف مخاطر شل الحياة في مصر ودخولها تصنيف الدول الأكثر فقراً مائياً، مما يتعين التعامل مع مشكلة سد النهضة كمسالة حياة أو موت.

نقص كارثي في مياه النيل

 أكد المشاركون في ورشة العمل أن أزمة المياه في مصر تمثل واقعاً أليماً ومستقبلاً خطيراً. فقد أكد الدكتور عبد الصبور أحمد أستاذ الإرشاد الزراعي أن إجمالي موارد مصر المائية 63 مليار متر مكعب ويمثل الاستهلاك الزراعي منها 85% وبزيادة السكان تحتاج مصر 103.25 مليار متر مكعب عام 2025.

(جدير بالذكر ان تقديرات المرصد المصري في 2019 أن إجمالي موارد مصر المائية 58.8 مليار متر مكعب، وأن استهلاك مصر من المياه بلغ 79.5 مليار متر مكعب منها 76 مليار للاستهلاك الزراعي)

أشار الأستاذ سامر المفتي الأمين العام السابق لمركز الدراسات وعلوم الصحراء أن نصيب الفرد المصري من المياه أقل من 1000 إلى 637 متراً مكعباً سنوياً، ووصف هذا النقصان للمياه بالكارثي لأن احتياجات وادي النيل تعاني من عجز 9 مليار متر مكعب (لاحظ ان هذا العجز عام 2009) مما يوجب تدارك الإسراف في استخدام المياه من حيث الكمية والتركيب المحصولي المناسب لترشيد استخدام المياه، أو زيادة موارد النهر بنسبة 30% مما يسبب مشاكل كارثية، ويعرض الوادي والدلتا للفيضانات وجنوب مصر للغرق وهذا يتطلب سرعة بدء الحكومة المصرية في تبنى مشروعات متقدمة لاستغلال الطاقة الشمسية كمصدر بديل للطاقة وتحلية مياه البحر والنظر بجدية للبديل الفوري من خلال إنشاء مفاعلات نووية والذي يتناسب مع البيئة وخفض انبعاث ثاني أكسيد الكربون الناتج عن فرط استخدام المنتجات البترولية (النفط).

أما الصحفي سعد هجرس مدير تحرير جريدة "العالم اليوم" الاقتصادية فقد أكد على فشل سياسات التوسع الأفقي والرأسي ولم تؤد إلى حل المشاكل الزراعية بسبب انعدام الرؤية المستقبلية للحكومة، وأن الأرض الزراعية قد تختفي خلال 60عاماً، والحكومات المتعاقبة تكتفي بالتعامل مع المشكلات الآنية فقط، وأنه من العبث التحدث عن توسع أفقي ورأسي دونما دراسة خريطة التغيرات المناخية الكونية التي ستغرق الدلتا وتؤثر على مياه النيل.

ضرورة استزراع واستصلاح أراضي جديدة

واعتبر الدكتور سالم الخولي أستاذ علم الاجتماع الريفي بكلية الزراعة جامعة الأزهر أن الجانب الأكبر لحل تلك المشكلات يتوقف على نجاح الدولة في استصلاح واستزراع أراضي جديدة وبناء مجتمعات جديدة عليها، لتعديل الكثافة السكانية البالغة 98% في الوادي البالغ 5% من المساحة الإجمالية لمصر، ومعالجة البطالة والهجرة الزراعية مع الأخذ في الاعتبار ضرورة التصدي للمشكلات التي بلغت 28 مشكلة في دراسة علمية سنة 2006 أدت لفشل تلك السياسات الخاصة بالاستصلاح والاستزراع.

وحذر الصحفي عماد حبيب من مغبة اختفاء اللون الأخضر من مصر بسبب التعديات على الأرض الزراعية، مؤكداً خطورة تعدي الحكومة على أملاك الفلاحين بحجة المنفعة العامة والتي تبلغ من 50 إلى70 ألف فدان سنوياً، مستشهداً بدراسة علمية تؤكد أن مصر فقدت نحو 36% من أراضيها الزراعية خلال النصف الأخير من القرن العشرين رغم أن الزراعة تمثل البعد الإستراتيجي الأول للوطن.

توصيات الورشة للتغلب على الأزمة

1-    اعتبار الفلاح أساس التنمية وينبغي مشاركته في صنعها

2-    ضرورة تفعيل الشراكة مع دول حوض النيل في مشروعات تنموية تضمن تدفق حصة مصر من المياه وزيادتها.

3-    ضرورة إدخال الطاقة الشمسية والطاقة النووية لتكون بديلاً للوقود الأحفوري الملوث للبيئة، واستخدامهما لتحلية مياه البحر أو المصادر المالحة الأخرى لسد العجز المتوقع جراء التغيرات المناخية، والزيادة السكانية.

4-    ضرورة التوسع الزراعي الأفقي في الصحراء وزراعتها بمواردها المائية المتاحة، وعدم ربط ذلك بنقل مياه النيل إليها.

5-    ضرورة الحفاظ على الأرض الزراعية القديمة وانه واجب وطني وقضية أمن مجتمعي ضمن مسؤولية الحكومة.

6-    إعادة النظر في زراعة المحاصيل الشرهة للمياه، وتطوير التركيب المحصولي ليتوافق مع موارد مصر المائية المتاحة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

التشبيك والشبكات انطلاقة جديدة للمجتمع المدني

التجربة السنغافورية.. نظام مدرسي بلا امتحانات أو درجات!

رحلة البحث عن الحقيقة.. من جاري ميلر إلى عبدالأحد عمر