معاً ضد الانتحار في مصر



هل زادت حالات الانتحار في مصر بالفعل فأصبحت ظاهرة؟ أم أن الإعلام أصبح أكثر تسليطا للأضواء على حالات الانتحار؟ هل فقد الأمل في حياة كريمة مالياً واجتماعياً وراء زيادة حالات الانتحار في مصر؟
مصر.. الأولى عربيا في عدد حالات الانتحار!
دقت منظمة الصحة العالمية في تقريرها المنشور سبتمبر 2019، ناقوس الخطر بشأن معدل الانتحار العالمي، وقسمت بلدان العالم حسب القارات، ففي القارتين الأفريقية والآسيوية اللتين تحتضنا كل البلدان العربية، تفوقت مصر على الدول العربية التي تشهد نزاعات مسلحة وحروبا أهلية حيث شهدت 3799 حالة انتحار في عام 2016، وتجاوز عدد الرجال المنتحرين أعداد النساء المنتحرات (3095 مقابل 704)، وصنفت مصر في المرتبة الـ 96 عالميا في نسبة المنتحرين لعام 2016.
وأظهر التقرير أن أكثر من نصف المنتحرين في العالم أجمع هم دون سن الـ 45، من فئة الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عاما، ويأتي الانتحار في المرتبة الثانية بعد حوادث الطرق كسبب رئيسي للوفاة، ومن أكثر طرق الانتحار شيوعا هي الشنق وإطلاق النار وتناول المبيدات السامة خصوصا في المناطق الريف.
أسباب ظاهرة الانتحار
فسرت الدكتورة سهير لطفي، الرئيس السابق للمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية بأن ظاهرة الانتحار هي سلوك فردي سلبي قديم يستخدم دائما كوسيلة سلبية لمواجهة الأزمات الحياتية، وبالتالي فهو يختلف من حالة إلى أخرى كما تختلف معها العوامل المؤثرة في الفرد بذاته، مثل الاضطراب النفسي أو عدم الثبات الوجداني وغيرها.
لكن ثمة باحثين أخرين يرون أننا نحتاج لتوسيع دائرة الأسباب وتحميل المجتمع والدولة المسؤولية عن تعاظم ظاهرة الانتحار خاصة مع ظهور احصائيات مفاجئة ترجع إلى المعهد القومي للسموم فقد سجلت عام 2009: 104 آلاف محاولة للانتحار في مصر، وشهد عام 2011 نحو 18 ألف حالة محاولة انتحار (ملاحظة انخفاض معدل محاولات الانتحار بنسبة تزيد عن 80% في العام الذي قامت فيه ثورة 25 يناير) عزاه البعض لحالة التفاؤل العام والأمل في تعديل الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
يرى هؤلاء الباحثين أن مصر تعاني من تمتع طبقة اجتماعية بحجم هائل من الثروة والسلطة، بينما يعاني أغلبية المصريين من الفقر والقهر، وأن بقاء معادلة "أغنياء جدا" على رأس السلم الاجتماعي مقابل أغلبية ساحقة من "الفقراء جدا" دون وجود طبقة متوسطة، يشكل خطرا عظيما.
كما يرون بروز الفجوة بين الأهداف الشخصية وبين الأهداف القومية أو الوطنية مع غياب التحفيز للشباب.

انطلاق مبادرات فردية ضد الانتحار
مع تعاظم حالات الانتحار من على أعمدة الإضاءة والكباري وتحت عجلات القطار أو المترو إلى حادثة برج القاهرة الشهيرة، انطلقت محاولات شبابية فردية وبعضها من إخصائيين نفسيين ونشروا إعلان على وسائل التواصل الاجتماعي لمن يشعر بالاكتئاب أو الميل للانتحار أن يتحدث معهم "أنت لست وحدك"، "تكلم معي".
وبدأوا في مناقشة الأسباب التي قد تؤدي إلى مثل هذه الحالات ونشر الوعي بحرمة قتل النفس ونشر الآيات القرآنية والأحاديث النبوية بأن هذا الفعل كبيرة عظيمة، قد تخلد صاحبها في النار، وأن النفس البشرية لها قدر عظيم وتكريم كبير عند الله تعالى ولا ينبغي التفريط فيها أو إلقائها إلى التهلكة.
الدين مقوم أساسي في مكافحة الانتحار
يرى الاخصائيون النفسيون أهمية ربط أصحاب حالات الاكتئاب وذوي الميول للانتحار بالدين والثقة بربهم الخالق الحي القيوم صاحب الحول والقوة، والذي بيده تغيير الأمور وإغاثة المستغيث اللهفان وإجابة الدعوة وتحقيق الأمنيات والأمال، والذي يدعوهم في ذات الوقت للصبر والجلد وتحمل الصعاب لاجتياز عقبات الحياة، وأن الإنسان مكرم وعزيز على الله ولذلك حرم قتل النفس أو إلقائها في التهلكة واعتبر ذلك جريمة لا تغتفر.
فمن القرآن الكريم قول الله تعالى: ((وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرً)) (النساء:29)
ومن السنة النبوية: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَتَوَجَّأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدا فِيهَا أَبَدا. وَمَنْ شَرِبَ سَمّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدا مُخَلَّدا فِيهَا أَبَدا. وَمَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَرَدَّى فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدا مُخَلَّدا فِيهَا أَبَدا".

توصيات للقضاء على ظاهرة الانتحار
أطلق أصحاب الحملات والمتطوعون لمساعدة أصحاب حالات الاكتئاب ومحاولات الانتحار عدد من التوصيات يمكن تلخيصها على النحو التالي:
1.    يجب توعية المجتمع بأن الانتحار حرام شرعا واعتداء على نفس مكرمة عند الله.
2.    يجب تقديم المساعدة لكل إنسان في حالة نفسية غير طبيعية إلى أن يتجاوز حالة اليأس التي يمر بها.
3.    يجب تقوية علاقة المكتئبين بالدين والإقبال على قراءة القرآن وبرامج التوعية الدينية.
4.    يجب نشر الأمل والتفاؤل في المجتمع ونشر التنمية الذاتية وسط الشباب.
5.    يجب على الدولة أن تولي اهتماما خاصا بفئات الشباب وتفريغ طاقاتهم وتلبية احتياجاتهم الاقتصادية والاجتماعية.
6.    يجب نشر ثقافة مقاومة صعوبات الحياة وفن صناعة البدائل وحلول المشكلات والتفكير البناء.
7.    يجب الاهتمام بمكافحة العزلة والانفراد والاكتئاب وابتكار وسائل تعزيز الشخصية ودمجها في المجتمع.

*المصادر




تعليقات

  1. صدقت استاذي أننا نملك #النصيحة
    وهذه مهمة جدا ومؤثرة وإن ظننت أن المنتحر وغيره سمعها 1000 مرة.
    نحن نملك ..
    كلمة طيبة تمسح على صدر مهموم
    بسمة وضحكة تزيح اكتئاب عن مكتئب
    احتضان يقول لإنسان لست وحدك إحنا معاك
    دعوة ربنا يفرج بها كربة
    نصرة مظلوم ليعلم ان الدنيا بخير
    #معا_ضد_الانتحار

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

التشبيك والشبكات انطلاقة جديدة للمجتمع المدني

التجربة السنغافورية.. نظام مدرسي بلا امتحانات أو درجات!

رحلة البحث عن الحقيقة.. من جاري ميلر إلى عبدالأحد عمر