مراكز أهلية لإيواء الحيوانات



اعتدنا على مشاهدة ومتابعة مبادرات نبيلة لمعاونة ذوي الاحتياجات الخاصة من بني الإنسان، ولكن أول مرة نرصد ونتابع من يكرس وقته وجهده لتقديم العون لذوي الاحتياجات الخاصة من الحيوانات (تحديدا القطط والكلاب) أمثال ميسون البداوي بالأردن، وزاهر سماك بالرياض، ومريم البلوشي بسلطنة عمان.
فتحت الأردنية ميسون البداوي بيتها منذ 19 عاماً لإيواء وعلاج وإطعام مئات من القطط بمبادرة شخصية منها، بعد ان شاهدت حوادث دهس القطط بالطرق أو تخلي بعض الأسر عن قططها بالشارع لتلقى مصيراً بائساً.
أما الناشط في مجال حقوق الحيوان زاهر سماك (فلسطيني يقيم بالرياض) فقد أخذ على عاتقه هو ومجموعة من أصدقائه البحث عن الحيوانات (قطط – كلاب) من ذوي الاحتياجات الخاصة، وتقديم المساعدة الإسعافية ثم الرعاية الطبية وتوفير مأوى لها عبارة عن استراحة (ملجأ للحيوانات) خارج حدود مدينة الرياض ويساهم المتطوعون معه في إطعامها.
على نفس المنوال، خصصت مريم البلوشي معاش التقاعد في تجهيز بيتها بغرف وفواصل تحجز أنواع الإصابات والحالات من القطط والكلاب، وتشعر بالراحة والسعادة بهذه الخدمة التي تقدمها للحيوانات التي لا تجد من يرعاها، وتأمل من القيادة في بلدها الإنعام عليها بإنشاء وإدارة مركز إيواء خاص بالقطط والكلاب.

في كل كبد رطبة أجر

اتفق المبادرون الثلاثة رغم اختلاف بلدانهم ان محركهم الأول للقيام بهذا العمل الشعور بالرحمة والشفقة على هذا الحيوان الضعيف المكسور او المدهوس أو يحتاج مساعدة وقد يكون مصيره الموت ويعتبرون التخلي عنه مشاركة في إزهاق الروح التي أمرنا الله بالحفاظ عليها.
وجميعهم يستهدفون الأجر والثواب من الرحمن جزاء هذا العمل، ويذكرون أن ديننا الحنيف حث مراراً تكراراً على الرفق بالحيوان ومعاملته بإحسان:
- عنْ أبي هريرة أنَّ رَسُول اللَّه قَالَ: بَيْنمَا رَجُلٌ يَمْشِي بطَريقٍ اشْتَدَّ علَيْهِ الْعَطشُ، فَوجد بِئراً فَنزَلَ فِيهَا فَشَربَ، ثُمَّ خَرَجَ فإِذا كلْبٌ يلهثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ الْعَطَشِ، فَقَالَ الرَّجُلُ: لَقَدْ بلَغَ هَذَا الْكَلْبُ مِنَ العطشِ مِثْلَ الَّذِي كَانَ قَدْ بَلَغَ مِنِّي، فَنَزَلَ الْبِئْرَ فَملأَ خُفَّه مَاءً ثُمَّ أَمْسَكَه بِفيهِ، حتَّى رقِيَ فَسَقَى الْكَلْبَ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَه فَغَفَرَ لَه. قَالُوا: يَا رسولَ اللَّه إِنَّ لَنَا في الْبَهَائِم أَجْراً؟ فَقَالَ: "في كُلِّ كَبِدٍ رَطْبةٍ أَجْرٌ" متفقٌ عليه.
- عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: "دخلت امرأةٌ النار في هرةٍ ربطتها، فلم تسقها، ولم تطعمها، ولم ترسلها تأكل من خشاش الأرض، حتى ماتت في رباطها، ودخلت امرأةٌ الجنة؛ إذ مرت على كلبٍ على طوى يريد الماء، فلا يقدر عليه، ونزعت خفها، أو موزجها، فربطته في خمارها، فنزعت له فسقته حتى أروته".

تشجيع وتشكيك

بينما تلقت المجتمعات العربية هذه المبادرات الفردية والأهلية لحماية ورعاية الحيوانات (القطط والكلاب) بالإعجاب والتقدير، وهناك من بادر بتقديم يد المساعدة والعون والتطوع والتبرع قدر المستطاع ومحاولات لتطوير الفكرة والمبادرة لتكون مراكز إيواء متكاملة تقدم خدمات الإيواء والإسعاف الطبي لهذه الحالات الخاصة من الحيوانات، إلا أنه في المقابل لم يسلم هؤلاء المبادرون من سهام التشكيك من البعض بدعوى لماذا لا يهتمون بالمشردين من بني البشر قبل أن يهتموا بالمشردين والبائسين من الحيوانات، وهل هي وسيلة لجمع التبرعات والأموال، وبالغ البعض أنه من الممكن أن يكون باباً خلفياً لسوق سوداء لتجارة (القطط والكلاب).
لكن بالمتابعة تدرك أن المشجعين والمقدرين لهذه المبادرات أضعاف المشككين والمثبطين، والذين يريدون تقديم المساعدة والعون كثر، وهؤلاء يأملون بإنضاج هذه التجربة ووضع تنظيم دقيق ومصدر تمويل يضمن لها الاستدامة والاستمرار.
أعتقد أن هؤلاء المبادرون تستحق تجاربهم ومبادراتهم النوعية أن تصل إلى الأستاذ أحمد الشقيري في مبادرة صناع الأمل، وأن تتبناهم المؤسسات المانحة بالدعم والتمويل، والعمل على مأسسة هذه المبادرات لتكون مراكز إيواء دائمة.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

التشبيك والشبكات انطلاقة جديدة للمجتمع المدني

التجربة السنغافورية.. نظام مدرسي بلا امتحانات أو درجات!

رحلة البحث عن الحقيقة.. من جاري ميلر إلى عبدالأحد عمر